البيت الأبيض مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية اليوم وإسرائيل غدا رادار

تحليل زيارة جيك سوليفان للسعودية وإسرائيل: نظرة على التحديات والآفاق

تمثل زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إلى السعودية وإسرائيل حدثاً بالغ الأهمية في سياق إقليمي ودولي معقد. هذه الزيارة، التي تم تناولها في فيديو على يوتيوب بعنوان البيت الأبيض مستشار الأمن القومي جيك سوليفان يزور السعودية اليوم وإسرائيل غدا رادار، تثير العديد من التساؤلات حول أهدافها وتداعياتها المحتملة على مستقبل العلاقات الأمريكية مع البلدين، وعلى استقرار المنطقة ككل.

خلفية الزيارة وأهميتها

تأتي زيارة سوليفان في ظل متغيرات جيوسياسية متسارعة، تشمل تصاعد التوترات الإقليمية، وتراجع النفوذ الأمريكي النسبي في المنطقة، وبروز قوى إقليمية ودولية جديدة تسعى إلى لعب دور أكبر. كما تأتي في وقت تتسم فيه العلاقات الأمريكية السعودية والإسرائيلية بالتعقيد، مع وجود ملفات خلافية وأجندات متباينة.

تكتسب السعودية أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة، نظراً لمكانتها كأكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، ودورها المحوري في العالم الإسلامي. وتواجه العلاقات بين البلدين تحديات عدة، أبرزها ملف حقوق الإنسان، والحرب في اليمن، وقضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي. ورغم هذه الخلافات، تظل الرياض شريكاً مهماً لواشنطن في مكافحة الإرهاب، وضمان أمن الطاقة، ومواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.

أما إسرائيل، فهي حليف استراتيجي وثيق للولايات المتحدة، وتعتبر واشنطن أمن إسرائيل أولوية قصوى في سياستها الخارجية. وتشهد العلاقات بين البلدين توافقاً واسعاً في العديد من القضايا، بما في ذلك الملف النووي الإيراني، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي. إلا أن هناك بعض الخلافات بين الجانبين، خاصة فيما يتعلق بالملف الفلسطيني، والتوسع الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.

أهداف الزيارة المحتملة

من المرجح أن تهدف زيارة سوليفان إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، من بينها:

1. تعزيز التنسيق الأمني والعسكري: تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز التنسيق مع السعودية وإسرائيل في مواجهة التهديدات المشتركة، وعلى رأسها النفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة، والتنظيمات الإرهابية. ومن المتوقع أن تتناول المحادثات بين سوليفان ومسؤولي البلدين سبل تعزيز التعاون في مجال الدفاع الجوي، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، وتطوير القدرات العسكرية.
2. إعادة ضبط العلاقات مع السعودية: تحاول إدارة بايدن إعادة ضبط العلاقات مع السعودية، بعد فترة من التوتر والفتور. وتسعى واشنطن إلى إيجاد توازن بين المصالح الاستراتيجية المشتركة مع الرياض، والقيم الأمريكية المتعلقة بحقوق الإنسان والديمقراطية. ومن المرجح أن يناقش سوليفان مع المسؤولين السعوديين ملف حقوق الإنسان، وضرورة تحقيق تقدم في هذا المجال.
3. دفع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين: على الرغم من أن إدارة بايدن لا تعتبر عملية السلام أولوية قصوى، إلا أنها تسعى إلى الحفاظ على فرص حل الدولتين، ومنع تدهور الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومن المتوقع أن يحث سوليفان الجانب الإسرائيلي على اتخاذ خطوات لتهدئة الأوضاع، وتجنب الإجراءات التي تقوض فرص السلام.
4. مناقشة الملف النووي الإيراني: يظل الملف النووي الإيراني قضية خلافية رئيسية بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل. وتسعى واشنطن إلى طمأنة حلفائها بشأن جهودها الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي، والتأكيد على التزامها بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي. ومن المرجح أن يناقش سوليفان مع المسؤولين السعوديين والإسرائيليين البدائل المتاحة في حال فشل الجهود الدبلوماسية.
5. تعزيز التعاون الاقتصادي: تسعى الولايات المتحدة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع السعودية وإسرائيل، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة. ومن المتوقع أن تتناول المحادثات بين سوليفان ومسؤولي البلدين فرص التعاون في مجالات الطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، والبنية التحتية.

التحديات والعقبات

تواجه زيارة سوليفان العديد من التحديات والعقبات، التي قد تحد من قدرتها على تحقيق الأهداف المرجوة، من بينها:

1. الخلافات العميقة بين السعودية وإسرائيل: على الرغم من التقارب الظاهري بين السعودية وإسرائيل في السنوات الأخيرة، إلا أن هناك خلافات عميقة بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. ولا تزال الرياض ترفض إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل قبل تحقيق تقدم في عملية السلام.
2. عدم الثقة المتبادلة بين الولايات المتحدة والسعودية: تدهورت الثقة بين الولايات المتحدة والسعودية في السنوات الأخيرة، بسبب عدد من القضايا الخلافية، بما في ذلك ملف حقوق الإنسان، والحرب في اليمن، وقضية مقتل جمال خاشقجي. ويحتاج الجانبان إلى بذل جهود كبيرة لإعادة بناء الثقة المتبادلة.
3. الوضع السياسي الداخلي في إسرائيل: يشهد الكيان الإسرائيلي حالة من الاستقطاب السياسي الحاد، وتشكيل حكومات ائتلافية ضعيفة. وقد يحد هذا الوضع من قدرة الحكومة الإسرائيلية على اتخاذ قرارات جريئة فيما يتعلق بعملية السلام.
4. التدخلات الخارجية: تواجه المنطقة تدخلات خارجية من قبل قوى إقليمية ودولية، تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة. وقد تعرقل هذه التدخلات جهود تحقيق الاستقرار في المنطقة.
5. الجمود في عملية السلام: تعاني عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من جمود تام منذ سنوات، ولا توجد آفاق حقيقية لاستئناف المفاوضات. وقد يؤدي هذا الجمود إلى تفاقم الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وزيادة التوتر في المنطقة.

التداعيات المحتملة

قد يكون لزيارة سوليفان تداعيات كبيرة على مستقبل العلاقات الأمريكية مع السعودية وإسرائيل، وعلى استقرار المنطقة ككل. ومن بين التداعيات المحتملة:

1. تعزيز التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل: قد تسهم الزيارة في تعزيز التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل، في مواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها النفوذ الإيراني المتزايد.
2. تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية: قد تؤدي الزيارة إلى تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، وإعادة بناء الثقة المتبادلة.
3. تهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة: قد تساهم الزيارة في تهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنع تدهور الأوضاع.
4. إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين: على الرغم من أن فرص تحقيق ذلك ضئيلة، إلا أن الزيارة قد تساهم في إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
5. زيادة التوتر في المنطقة: قد تؤدي الزيارة إلى زيادة التوتر في المنطقة، خاصة إذا اعتبرتها إيران تهديداً لأمنها ومصالحها.

خلاصة

في الختام، تمثل زيارة جيك سوليفان إلى السعودية وإسرائيل فرصة مهمة للولايات المتحدة لتعزيز علاقاتها مع حلفائها في المنطقة، ومواجهة التحديات المشتركة. إلا أن الزيارة تواجه العديد من التحديات والعقبات، التي قد تحد من قدرتها على تحقيق الأهداف المرجوة. ويتوقف نجاح الزيارة على قدرة الولايات المتحدة على تحقيق التوازن بين مصالحها الاستراتيجية، وقيمها المتعلقة بحقوق الإنسان والديمقراطية، وعلى قدرتها على إقناع حلفائها باتخاذ خطوات لتهدئة الأوضاع في المنطقة، وإحياء عملية السلام.